بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد: فمنذ توحيد المملكة العربية السعودية على يد المؤسس الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود _ رحمه الله تعالى _ والتعليم الشرعي يأتي في مقدمة العلوم والمعارف التي حرصت قيادة هذه البلاد على تأسيس الناشئة عليها؛ حيث استمدته من: الكتاب العزيز، والسنَّة النبوية المطهرة، وفهم السلف الصالح رحمهم الله تعالى، وأكمل أبناؤه الكرام هذه المسيرة العلميَّة الخيِّرة، فشيَّدوا المدارس والجامعات، وأمدُّوها بمداد العلم النافع والقيم السامية، واتسعت رقعة المعرفة في أنحاء البلاد: شمالها وجنوبها، وشرقها وغربها، وفي قلبها ونجدها، فأصبح العلم قريبًا من كل ناهلٍ ومستفيد.
ولقد حظيت الأحساء بنصيبٍ وافرٍ من هذا العطاء العلميِّ المتميِّز؛ حيث صدر المرسوم الملكي الكريم رقم (6366) في 27/3/1401هـ بإنشاء كلية الشريعة والدراسات الإسلامية في الأحساء، تحت مظلة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، فكانت مسيرة الكلية خلال هذه العقود مسيرةً مباركة، تميَّزت بالبناء العلمي الفريد، والنتاج المعرفي الرصين، فتخرَّج بها: القضاة، وكتَّاب العدل، والمحامون، والمستشارون، وأئمة المساجد وخطباؤها، والمعلمون والمربون، والقرَّاءُ، والمثقفون، والباحثون وأساتذة الجامعات، وأهل اللغة والأدب، والمتخصصون في: الإدارة، والجغرافيا، والحاسب والآلي، واللغة الإنجليزية، والأنظمة.
وفي تاريخ (10/3/1442هـ) صدر قرار مجلس شؤون الجامعات بضم الكلية إلى جامعة الملك فيصل، ويشكِّل هذا الانضمام منعطفًا تاريخيًا للكلية، فتح أمامها طريقًا إلى الريادة في التخصص الشرعي الدقيق، في رحاب جامعةٍ عريقةٍ متميزة؛ هي: جامعة الملك فيصل؛ ليزداد تركيز الكلية على علوم الشريعة وأصول الدين والدراسات الإسلامية، واضعةً أمامها رؤيةً معرفيَّةً وبحثيَّةً طموحةً في تنميةِ القدراتِ العلميَّةِ الشرعيَّة، وطنيًّا وعالميًّا، تؤدِّي رسالتها النبيلة في إعداد كفاءاتٍ متميِّزةٍ في العلوم الشرعيَّة، تجمع بين الأصالة والمعاصرة، وتسهم في إثراء المعرفة، وتلبي حاجة المجتمع المستجدة بالبحث العلمي الرصين؛ والشراكة المجتمعية المثمرة.
ولقد استهدفت في طريقها نحو هذه الريادة تطوير واستحداث برامج أكاديميَّةٍ تلبي حاجة سوق العمل ومتطلبات التنمية المستقبليَّة، وفق معايير الجودة والاعتماد الأكاديمي، وتنمية قدرات الطلبة معرفيًّا ومهاريًّا بما يحقق الريادة الوطنيَّة والعالميَّة، وتوظيف منظومة البحث العلمي لإثراء المعرفة بالدراسات الشرعيَّة التي تلبي حاجة المستجدات المعاصرة، وتعزيز أوجه التعاون والتكامل مع مؤسسات المجتمع المحلي؛ لتحقيق الأهداف الوطنيَّة المشتركة، وتحفيز القدرات على الابتكار والتميُّز؛ لإيجاد بيئةٍ إداريَّةٍ وتعليميَّةٍ وبحثيَّةٍ مبدعة.
وإنَّ من يتأمل ميادين العطاء الوطني ليجد بكل وضوح ما وضعته كليتنا من بصماتٍ ظاهرةٍ جليَّة، وهذا من فضل الله تعالى ثم بدعمٍ سخيٍ متواصلٍ من ولاة أمرنا _حفظهم الله تعالى _ في بلادنا المباركة المملكة العربية السعودية.
وإنَّ ما تجده الكلية من اهتمامٍ بالغٍ من معالي رئيس الجامعة _ وفقه الله تعالى _ وفريق عمله المتميز ليحفزنا أن نعمل بجدٍ ومسؤولية لتحقيق أهداف الجامعة الإستراتيجية، التي بنتها على رؤية ((حيوية مُحفِّزةٍ لإثراء معرفة المستقبل وتنمية القدرات البشرية المنافسة)).
ولقد حققت كلية الشريعة والدراسات الإسلامية في الأحساء وستحقق بإذن الله تعالى ما يتطلع إليه ولاة الأمر _ حفظهم الله تعالى _ وشعب المملكة الوفي من تخريج دفعاتٍ طموحةٍ من أبنائها وبناتها الأوفياء، بعد أن نهلوا من منبع العلم الصافي، ليعودوا على دينهم بشرف خدمته والعناية بعلومه تعلُّمًا وتعليمًا، وإلى وطنهم بالعطاء والبناء.
وما كان لهذه الكُليَّة أن تتخذ مكانتها العالية من بين الكليات الشرعية في العالم الإسلامي كلِّه إلا بعد توفيق الله تعالى ثم بجهدٍ علميٍ ومعرفيٍ أصيلٍ قدَّمه ويقدمه أساتذةٌ أجلاء وأستاذاتٌ فاضلات، قدموا عصارة علمهم وخبرتهم لأبنائهم وبناتهم بكل تفانٍ وإخلاص.
وتضم الكلية فريق عملٍ إداريٍ متعاونٍ منسجم، يشارك في تحقيق رسالة الكلية وأهدافها بتعاونٍ وتكامل.
وإني في هذه الاستفتاحية الموجزة لصفحة كليتنا في موقع جامعتنا العامرة بالخير يتحتَّم عليَّ أن أزجي وافر الشكر لمقام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز ولسمو ولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان _حفظهما الله تعالى _ على ما يلقاه التعليم العالي من دعمٍ كبيرٍ ورعايةٍ عظيمة، والشكر موصولٌ لسمو أمير المنطقة الشرقية صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن نايف، ولسمو محافظ الأحساء صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن طلال بن بدر على دعمهم وكريم رعايتهم، والشكر موصول لمعالي وزير التعليم، ولمعالي رئيس جامعة الملك فيصل على ما يبذلونه من خدمةٍ للعلم وأهله.
ثم لزملائي أساتذة الكلية وموظفيها وطلبتها الذين يسهمون معي في رفع صرح هذا المعلم العلمي الشامخ بعطائهم وأبحاثهم ونجاحهم وتفوقهم وخدمتهم لدينهم ووطنهم وأمتهم.
واللهَ نسأل أن يمدَّنا بعونه وتسديده وتوفيقه، وأن يحفظ علينا وعلى بلادنا عزَّها ومجدها وأمنها وإيمانها، وأن يسدد بالحق ولاة أمرنا، وأن يستعملنا فيما يرضيه عنَّا، وصلى الله على البشير النذير، والسراج المنير، وعلى آله وصحبه أجمعين.
عميد كلية الشريعة والدراسات الإسلامية
د.محمد بن إبراهيم الكلثم